أخى جاوز الظالمون المدى

كُتبت بواسطة
تشرق الشمس لترسل أشعتها الذهبية إلى أركان الأرض ويكأنها تجسد الصراع والحرب الازلية بين الخير والشر فى صورة رومانسية لترينا كيف أنها ترجع مرة أخرى بعد ليل طويل لتتباهى بأشعتها و لتلهبنا بأسواط حرارتها كأنها تحتضن كل من على الأرض بقوة .  وبشروق الشمس يبدأ يوم جديد يصارع فيه الإنسان إما من أجل البقاء أو من أجل مبادئه أو من أجل فكرة ترسخت لديه أو من أجل ما يؤمن به ، دائماً يصارع ، لدرجة أن النفس البشرية صار بها جانب أسود إن لم تكن كلها سوداء فى الأصل تعشق الحرب والصراع ، تتلذذ عندما تراك تجرى وراء شئ ما وفى سبيله تحارب أى عائق أمامك وإن كان هذا العائق شجرة مثمرة أو صرح مفيد .
بيننا الآن أشخاص يعشقون الحرب ، يحبونها ، يتلذذون بشم رائحتها و تعثث أخبارها ، يرون أن العالم بلا حروب عالم موحش ممل لا فائدة فيه ولا شئ مرجو منه ، لا تجارة بدون حروب ، لا صناعة بلا حرب ، لا يمكن عمل أى شئ دون الحرب ، الحرب هى الحياة بالنسبة لهم ... فيتحولوا إلى آلات لا مشاعر بها ولا هدف لها ، لا تسعى إلا لتنفيذ ما تؤمر به أو ما تبرمج نفسها عليه ، تسعى للخراب والدمار ، ترى فى الحرب ما لا يراه الجميع ، تشم فى الدخان المتصاعد رائحة المسك والعنبر ، ترى فى أكوام الركام أموال مكدسة و أراض مهندسة بنظم حديثة تضمن لهم الحياة برخاء وترف ، ترى فى الجثث المترامية هنا وهناك أكوام من الطوب الذى سيستعمل لبناء أحلامهم المريضة ، يرون فى الحرب لوحة جميلة ... نفوس مريضة .
أنا لا أهوى الحرب ، ولكن لا أرضى بالاستسلام لعدو غاصب ، لا أرضى بشروق الشمس على أرض بها أطفال لا يجدون ما يسد رمقهم بينما لهم إخوة فى الإنسانية يستطيعون مساعداتهم ، ولا أرضى بأن يحل ليل على أرض ولا يستطيع أهلها النوم لأن أوجاعهم اقوى من النعاس ، ولا أرضى أن ينتهى يوم دون ان يحدث اى تغيير فيه سوى أن تجد شخصا ما مثلى كتب مقالة كهذه ، أو شخص آخر قام بتغيير صورته الشخصية على صفحات التواصل الاجتماعى ليعلن تضامنه مع قضية ما ، ولا أرضى بالظلم و الوحشية والخراب .
الحرب سلبتنا أرواحاً عزيزة علينا ، عقول نظيفة عبقرية ، أجساد عفية تصلح للبناء ، كفوف لتحمل المستقبل وتنحته على الصخر و سلبتنا الإنسانية ، فصرنا نشمت فى الدماء دون النظر إلى الأمر بإنسانية .
أنا أكره الحرب ولكن عندما تستيقظ لتجد أن لك أخاً قد مات بالأمس وهو نائم نتيجة لغارة غادرة نسفت منزله ، وعندما تمشى فى الشارع لتجد ملامحه تغيرت وأسماء الشوارع كذلك تغيرت والمبانى تغيرت ولتجد أشخاصاً لا تعرفهم ولا يعرفونك يجرونك على الأرض ويضربونك لمجرد أنهم يستطيعون ذلك .
أطفال لم و لن يعيشوا طفولتهم أبداً ليذوقوا ألم الوقوع عندما يبدأ الواحد منهم فى تعلم المشى ، فهم يولدون وبأيديهم السلاح ويرتدون بذلاتهم العسكرية ، لا بكاء لنسمعه منهم فقط صيحات القتال والتكبير والتهليل ، لايسمعون كلمة حبيبى وهم ينامون فى أحضان أمهاتهم ليلاً وهم يشعرون بالأمان وإنما يسمعون أصوات القذائف التى تمطر عليهم من السماء وهم ينامون فى أحضان القنابل والأسلحة الباردة ليفجروا بها عدوهم فى الصباح التالى ، ذلك العدو الذى سلبهم أرضهم ، طفولتهم وأهلهم ، ذلك العدو الذى سلب كل معانى الحياة .
أنا أكره الحرب ، ولكن فى تلك الحالة لابد من المقاومة ، لابد أن اعشقها ، سأنحر فيها أعناق متطاولة ، سأدحض فيها باطل سانده الكثير من المغفلين ، سأحارب لأجل قضية مقدسة ، سأمشى على أرض قبلتها الدماء الطاهرة ، ساذهب إلى هناك لأرفع راية النصر ، سافتح أبواب لم يدخلها غيرى منذ عقود ولت .
كلمات ... ليست سوى كلمات تنبثق من داخلى لتنفس عن رغبات دفينة ، كم أتمنى لو أنها تتحول فى يوم ما إلى أفعال .
لا يبقى لنا سوى الأمل ... والخجل من أنفسنا .





Share If You Dare

تذكر أخى الكريم أنه
"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"

تابعونا

حبايبنا

بإيدك تغير