التدوين هو مجرد بوابة ، بوابة تقودك أنت إلى عالمك الخاص ، لتكتب كل ما يجول فى خاطرك ، لا يهم إن كان سيبقى إلى الأبد أو إن كان أحدهم سيقرأه ، لا يهم إن كان نقداً لاذعاً أو مديحاً رائعاً ، المهم هو أنك تكتب ، وكلما كتبت أكثر كلما زادت رغبتك فى القراءة أكثر ، كلما احترمت عقول الآخرين أكثر ، كلما زاد عقلك نضوجاً ، كلما أصبحت نظراتك أكثر شمولية وإحاطة بأبعاد المنظور ، اكتب فقط ولا تبالى ، إمتلك مدونة ، كراسة ... أو حتى بضعة أوراق لا يهم أين تكتب أو ماذا تكتب ، لا تهتم حتى بنشر ما تكتبه أو ما إن كان حقاً سيُقرأ .. فقط اُكتب .
لماذا تكتب ؟
تكتب من أجل الحياة ، حياتك أنت ، تكتب من أجل تلك الأيام التى ستنضج فيها وتراجع ما كتبت وتقول يااااااااااه كم كنت ساذجاً ، تكتب لأجل تحديد خياراتك ، توجهاتك ، مبادئك و ذاتك ... تكتب لتعرف من أنت . فى الحقيقة إذا كنت تقرأ كثيراً وتكتب بقدر ما تقرأ ستتعلم أنه عندما تقع الكلمات فى يديك لا يهم من الذى كتبها ، لا يهم شخص المفكر المهم هو المعنى الذى ستستخلصه .. المهم هو أنت ، لطالما قرأت العديد من الكتب ولا أشعر حتى أننى قرأتها لأننى كنت أقرأ الكتاب لأنه كتاب كتبه فلان الفلانى وهو شخصية مشهورة ... لا أفهم أى شئ إلا عندما أقرأ بتمعن ، عندما تسبح الكلمات فى أرجاء عقلى لتفسر نفسها ، عندما يمتزج الكلام ببعضه البعض ليعطى رائحة زكية تجعلنى أعيش مع الكلمات وأسرح مع المعانى فى عالمها الخاص لأُشاهد معالمه الأثرية وأتفقد أساطيره و عظمائه .. هذه هى القراءة وهكذا تكون الكتابة ، اقرأ الكتاب لا الكاتب ، واكتب لنفسك عندما ستقرأ ما كتبته .
كتب عديدة وقعت بين يدى وألهمتنى العديد من الأفكار ولا أتذكر أصحابها ، أنا لست ناكراً للجميل ، ولكن أنا أوفيهم حقهم على أكمل وجه ، فهم كتبوا ليهبوا العالم عقلاً يمكن قراءته ، عقلاً يمكنك أن تعيش بداخله ، كتبوا لأنهم علموا أن مصيرهم الفناء فأرادوا تخليد أفكارهم وزرعها فى عقول أخرى لتنمو وتزدهر أكثر مما نمت وأزدهرت فى عقولهم ... كتبوا ليجعلوا العالم مكاناً أفضل .
أنساهم عن عمد حتى لا أعبث بأفكارهم وأفسرها كما أشاء وفى النهاية أنسبها إليهم ولكن أقول قرأت كذا وأفسره وأنسبه إلى مجهول عظيم بقدر فكرته .
أفعل كل شئ لذاتك ، اقرأ لنفسك ، واكتب لها .
هذا عالمك أنت فاملأه بأحلامك أنت ولا تفتح أى مجال للآخرين ليعبثوا به .

تذكر أخى الكريم أنه
"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"